إن إدارة الجودة الشاملة هي ثورة إدارية جديدة وتطوير فكري شامل وثقافة تنظيمية جديدة حيث أصبح كل فرد في المؤسسة/ المدرسة مسئولاً عنها لكي توصلنا إلى التطوير المستمر في العمليات وتحسين الأداء. إن تعبير الجودة ليس تعبيراً جديداً، وخير دليل على ذلك الآيات القرآنية التالية:-
قال تعالى :
• " صنع الله الذي أتقن كل شئ" ( النمل: 88)
• " الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً" (الملك: 2)
• " الذي أحسن كل شئ خلقه" (السجدة: 7)
• " إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً" (الكهف: 30)
وعن الرسول صلى الله عليه وسلم " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه" (رواه مسلم)
ومن هنا نرى أن الجودة هي الإتقان والعمل الحسن، والجودة لها تعريفات عدة ولكنها متفقة في جوهرها في التأكيد على مبدأ الإتقان. وقد عرَّف المعهد الوطني الأمريكي للمقاييس والجمعية الأمريكية لمراقبة الجودة بأنها تعني مجموعة من السمات والخصائص للسلع والخدمات القادرة على تلبية احتياجات محددة. أما معهد الجودة الفيدرالي الأمريكي فقد عرَّف الجودة بأنها أداء العمل الصحيح بشكل صحيح من المرة الأولى مع الاعتماد على تقييم المستفيد في معرفة مدى تحسن الأداء .
إن الجودة عملية بنائية تهدف إلى تحسين المنتج النهائي وذلك من خلال تحسين ظروف العمل لكل العاملين في المؤسسة (المدرسة)، وتركز الجودة على الجهود الإيجابية التي يبذلها كل شخص يعمل في هذه المؤسسة الاجتماعية . وعند الحديث عن الجودة في التعليم نعني بكل وضوح تحسين تحصيل درجات التلاميذ والارتقاء بمستواهم التحصيلي إلى أكبر قدر ممكن.
وبناء على الدراسات والبحوث التربوية من أجل بناء مجتمع المعرفة، قامت بعض الدول العربية المجاورة بوضع معايير قومية للتعليم بحيث تكون شاملة، تتناول جميع الجوانب المختلفة لمدخلات العملية التعليمية، وتسعى لتحقيق مبدأ الجودة الشاملة والموضوعية، حيث تركز على الأمور والتفصيلات المهمة في المنظومة التعليمية، ويمكن تطبيقها على قطاعات مختلفة ومتطورة، كما أنه يمكن تطبيقها لفترات زمنية ممتدة، وقابلة للتعديل وفق التطورات العلمية والتكنولوجية، وقابلة للقياس، حتى يمكن مقارنة مخرجاتها بالمعايير المقننة للوقوف على مدى جودة المخرجات. وقد حرص القائمون على وضع هذه المعايير أن تكون وطنية تستند على الجانب الأخلاقي، وتراعي عادات المجتمع وسلوكياته. وتشمل المعايير المجالات التالية: المدرسة الفاعلة كوحدة متكاملة، والمعلم كمشارك أساسي في العملية التعليمية، والإدارة المميزة، والمشاركة المجتمعية حيث تسهم المدرسة في خدمة المجتمع المدني ويقوم المجتمع بدوره بتقديم الدعم للمدرسة مادياً وخدمياً وإعلامياً، والمنهج المدرسي وما يكتسبه المتعلم من معارف ومهارات وقيم، والمواد التعليمية وأساليب التقويم.
إن المعايير السابقة تعتبر ركيزة أساسية لعملية الاعتماد التربوي للمدارس، وهذا الاعتماد هو وسيلة لتحقيق وضمان الجودة بوصفها عملية تقويم مستمرة لجودة المستوى التعليمي للمدرسة.
أما إدارة الجودة فهي جميع الأنشطة للإدارات والأقسام المختلفة التي تديرها سياسة الجودة والتي تشمل: الأهداف والمسؤوليات التي يتم تنفيذها بواسطة: التخطيط للجودة، مراقبة الجودة، توكيد الجودة وتحسين الجودة وهي عناصر نظام إدارة الجودة.
أهمية إدارة الجودة في التعليم:
• عالمية نظام الجودة وسمة من سمات العصر الحديث.
• ارتباط الجودة بالإنتاجية وتحسين الإنتاج.
• اتصاف نظام الجودة بالشمولية في كافة المجالات.
• عدم جدوى بعض الأنظمة والأساليب الإدارية السائدة في تحقيق الجودة المطلوبة.
• تدعيم الجودة لعملية تحسين المدرسة.
• تطوير المهارات القيادية والإدارية لقادة الغد.
• زيادة العمل وتقليل الهدر أو الفقد.
• الاستخدام الأمثل للموارد المادية والبشرية.
المبادئ التي ترتكز عليها إدارة الجودة الشاملة.
• التركيز على التعرف على احتياجات وتوقعات المستفيدين ( الطلاب ) والسعي لتحقيقها من خلال إعداد استراتيجية تحسين الجودة.
• التأكيد على أن التحسين والتطوير عملية مستمرة وتحديد معايير/ مستويات الجودة.
• التركيز على الوقاية بدلاً من التفتيش.
• التركيز على العمل الجماعي / الفريقي.
• اتخاذ القرارات بصورة موضوعية بناء على الحقائق.
• تمكين العاملين وحفزهم على تحمل المسئولية ومنحهم الثقة وإعطاؤهم السلطة الكاملة لأداء العمل.
• تخفيف البيروقراطية وتعدد مستويات الهيكل التنظيمي.
أهداف إدارة الجودة الشاملة:
• حدوث تغيير في جودة الأداء.
• التحفيز علي التميز واظهار الابداع.
• تطوير أساليب العمل.
• الارتقاء بمهارات العاملين وقدراتهم.
• تحسين بيئة العمل.
• الحرص على بناء وتعزيز العلاقات الإنسانية.
• تقوية الولاء للعمل في المؤسسة/ المدرسة.
• التشجيع على المشاركة في أنشطة وفعاليات المؤسسة / المدرسة.
• تقليل إجراءات العمل الروتينية واختصارها من حيث الوقت والتكلفة.
متطلبات تطبيق نظام إدارة الجودة الشاملة في التعليم.
• دعم وتأييد الإدارة العليا لنظام إدارة الجودة الشاملة.
• تهيئة مناخ العمل والثقافة التنظيمية للمؤسسة التعليمية (المدرسة).
• قياس الأداء للجودة.
• الإدارة الفاعلة للموارد البشرية بالمؤسسة التعليمية/ المدرسة.
• التعليم والتدريب المستمر لكافة الأفراد.
• تبني الأنماط القيادية المناسبة لمدخل إدارة الجودة الشاملة.
• مشاركة جميع العاملين في الجهود المبذولة لتحسين مستوى الأداء.
• تأسيس نظام معلومات دقيق لإدارة الجودة الشاملة.
مؤشرات الجودة في التعليم:
هناك بعض المؤشرات في المجال التربوي تعمل في تكاملها وتشابكها على تحسين العملية التربوية.
المحور الأول: معايير مرتبطة بالطلبة: من حيث القبول والانتقاء ونسبة عدد الطلاب إلى المعلمين، ومتوسط تكلفة الفرد والخدمات التي تقدم لهم ، ودافعية الطلاب واستعدادهم للتعلم.
المحور الثاني: معايير مرتبطة بالمعلمين: من حيث حجم الهيئة التدريسية وثقافتهم المهنية واحترام وتقدير المعلمين لطلابهم، ومدى مساهمة المعلمين في خدمة المجتمع.
المحور الثالث: معايير مرتبطة بالمناهج الدراسية: من حيث أصالة المناهج، وجودة مستواها ومحتواها، والطريقة والأسلوب ومدى ارتباطها بالواقع، وإلى أي مدى تعكس المناهج الشخصية القومية أو التبعية الثقافية.
المحور الرابع: معايير مرتبطة بالإدارة المدرسية: من حيث التزام القيادات بالجودة، والعلاقات الإنسانية الجيدة، واختيار الإداريين وتدريبهم.
المحور الخامس: معايير مرتبطة بالإدارة التعليمية: من حيث التزام القيادات التعليمية بالجودة وتفويض السلطات اللامركزية، وتغيير نظام الأقدمية، والعلاقات الإنسانية الجيدة واختيار الإداريين والقيادات وتدريبهم.
المحور السادس: معايير مرتبطة بالإمكانات المادية: من حيث مرونة المبنى المدرسي وقدرته على تحقيق الأهداف ومدى استفادة الطلاب من المكتبة المدرسية والأجهزة والأدوات...إلخ.
المحور السابع: معايير مرتبطة بالعلاقة بين المدرسة والمجتمع: من حيث مدى وفاء المدرسة باحتياجات المجتمع المحيط والمشاركة في حل مشكلاته، وربط التخصصات بطبيعة المجتمع وحاجاته، والتفاعل بين المدرسة بمواردها البشرية والفكرية وبين المجتمع بقطاعاته الإنتاجية والخدمية.
دور الإدارة التربوية في مساندة المدرسة:
• اعتبار المدرسة وحدة تنظيمية مستقلة تتبع الإدارة العليا من خلال خطوط إدارية عريضة.
• إتاحة قدر أكبر من اللامركزية والحرية للمدرسة لتحقيق التطوير والإبداع في جميع مجالات العمل المدرسي.
• تطوير الشرائع واللوائح التي تنظم العمل المدرسي والمتابعة الإشرافية المستمرة للمدارس.
• تدريب إدارات المدرسة على الأساليب الحديثة في التخطيط الاستراتيجي وتطبيقات ذلك في المجال المدرسي.
• تحديد رسالة المدرسة وربط فعالياتها بمتطلبات رؤية التعليم ورسالته.
• تطوير العلاقة بين المدرسة والمجتمع حتى تصبح شراكة فاعلة.
• تبني معايير الجودة الشاملة في الإدارة المدرسية من أجل الارتقاء بمستوى أدائها.
• تعزيز العمل الجماعي " مشروع الفريق" في المدرسة.
• تدريب الإدارات المدرسية على مهارات بناء العلاقات الاجتماعية سواء داخل المدرسة أو خارجها واعتبار ذلك من مكونات وتأهيل الإدارات الجديدة.
• توظيف نظم المعلومات والتكنولوجيا في تطوير أداء الإدارة المدرسية.
• تفعيل روح الديمقراطية في المجتمع المدرسي من خلال المجالس المدرسية ومجالس الآباء.
• العمل على ربط عملية اتخاذ القرار باحتياجات الطلاب والعاملين والمجتمع المدرسي.
• الحد من أساليب التقويم القديمة المبنية على الحفظ والاسترجاع وتبني التقويم الأصيل المتكامل المستمر لأداء الطالب الذي يقيس قدراته الحقيقية.
• تطوير وتبسيط المناهج وتدريب المعلمين على القيام بذلك ، كوحدات تطوير مدرسية.
• تشجيع المشاركة المجتمعية والجمعيات غير الحكومية والمجتمع المدني في مساندة المدرسة في أداء رسالتها.
• وضع معاييرواضحة ومعروفة للجميع لنتائج التعليم الذي نطمح له في كل مرحلة من المراحل التعليمية ومقارنتها بالمعايير العالمية.
• تشكيل فرق محايدة للتقويم الخارجي.
• التقرير والتغذية الراجعة واعادة التخطيط والمتابعة.
دور المدرسة التي تعتمد الجودة كنظام إداري:
• تشكيل فريق الجودة والذي يشمل فريق الأداء التعليمي،واعتبار كل فرد في المدرسة مسؤولا عن الجودة
• تحديد معايير الأداء المتميز لكل أعضاء الفريق السابق.
• سهولة وفعالية الاتصال.
• تطبيق نظام الاقتراحات والشكاوي وتقبل النقد بكل شفافية وديمقراطية.
• تعزيز الالتزام والانتماء للمدرسة بكل الطرق المتاحة للإدارة.
• تدريب المعلمين باستمرار وتعريفهم على ثقافة الجودة، لرفع مستوى الأداء المهني.
• نشر روح الجدارة التعليمية (الثقة/الصدق/الأمانة/الاهتمام الخاص بالطلاب).
• مساعدة المعلمين على اكتساب مهارات جديدة في إدارة المواقف الصفية والتركيز على الأسئلة التفكيرية.
• تحسين مخرجات التعليم والعمل على إعداد شخصيات قيادية من الطلاب وزيادة مشاركة الطلاب في العمل المدرسي.
• تعزيز السلوكيات الإيجابية واستثمارها والبناء عليها وتعديل السلوك السلبي بأسلوب توجيهي وإرشادي.
• تفعيل دور تكنولوجيا التعليم والاستفادة من التجارب التربوية محلياً وعربياً وعالمياً.
• التواصل الإيجابي مع المؤسسات التعليمية الأخرى وغير التعليمية (المجتمعية والأهلية).
• ممارسة التقويم الداخلي الذاتي على الأقل مرتين سنوياً والاعلان عن نتائجه.
إن الاستثمار في التعليم هو أغلى أنواع الاستثمار، وقد أكد البنك الدولي أن الدولة التي تنفق على الطالب من أجل التعليم 500 دولار فأقل في العام لا يتحقق فيها أي نمو اقتصادي، بينما الدول التي تنفق أكثر من 500 دولار ، ينطلق فيها النمو الاقتصادي، ربما مواردنا في فلسطين لا تسمح لنا بذلك ولكن من الأساليب التي يمكن أن تعوض ذلك هو تبني أسلوب الجودة، حيث أن الجودة هي مطلب على المدرسة الفلسطينية أن تطبقه حتى تساير هذا العصر المتغير الذي يشهد انفجاراً معرفياً متسارعاً ، حيث أصبح العالم قرية صغيرة لا مكان فيها للضعفاء في ظل العولمة والتحديات الكثيرة .
إن من أهم آليات تحقيق الجودة؛ تعزيز التقويم الذاتي الداخلي على كل المستويات في المدرسة والتدريب المستمر لكل الكادر التعليمي ، واعتماد أسلوب التقويم الخارجي المحايد الشفاف الذي يعطي ثقة للمعلمين ويمدهم بالخبرات الخارجية، وبالمقارنة بين عمليتي التقويم (الداخلي والخارجي) تستطيع المدرسة أن تحدد أين هي من رؤيتها ورسالتها التي تسعى إلى تحقيقها دون أي اعتبارات ذاتية أو عاطفية.