إنتهي الدرس ياغبي

في الثامن والعشرين من الشهر الماضي قدم حزب الشعب اليميني السويسري استفتاء على حظر بناء المآذن بدعوي أنها ترمز للسيادة الإسلامية في دولة مسيحية، على حد تعبير الحزب، وبدأت الدعاية والملصقات المضادة للمأذن وللنقاب، بداية لم يعنيني أمر هذا الإستفتاء كثيرا لأنه يأتي من أحد الأحزاب وليس من الحكومة السويسرية وأنه مقدما للشعب وليس للبرلمان وأعتقدت بأن الأمر مسألة عابرة وأنه سوف يتم التصويت برفض هذا الإستفتاء، ولكن حدث مالم اتوقعه فقد صوت الشعب السويسري بأغلبية كبيرة وصلت الى 57.5% لصالح هذا الإستفتاء وتم وقف بناء أية مأذن جديدة للمسلمين في سويسرا التي يبلغ عدد المآذن بها أربعة مآذن فقط، بل وتعالت اصوات مؤيدة لهذا الإستفتاء في كل أنحاء أوروبا.

عندما راجعت نفسي لم أتعجب من القرار الشعبي برفض كل ما هو مسلم، فبإستعراض الأحداث منذ اواسط السبعينيات عندما نشر الرئيس الأميريكي السابق/ ريتشارد نيكسون كتابه الفرصة السانحة الذي حذر فيه العالم من هيمنة الخطر الأخضر (والذي قصد به العالم الإسلامي) بعد انهيار الشيوعية الي مابعد الحادي عشر من سبتمبر نجد أن هناك اضطهادا متناميا ضد المسلمين وهجوما على كل تعاليم ومظاهر الإسلام سواء من منع الحجاب في فرنسا وبلجكيا الي التضييق على بناء المساجد في بريطانيا وألمانيا وصولا الى الرسوم المسيئة في الدنمارك والفيلم الهولندي وغيره.

وسط هذا الحصار الذي يعيش فيه المسلمون يجب التوقف لمراجعة الذات والتساؤل، من المخطئ؟ نحن؟هم؟ ام الجميع؟، برأيي أننا نحن المخطئون فالمسلمون الذين تركوا بلادهم سواء هربا من اضطهاد أو ضيق الأرزاق كالنعامة التي خبأت راسها في الرمال، لم يواجه هؤلاء الذين استقروا في أوروبا أنظمتهم الفاسدة بل قرروا البحث عن بلاد أخري يعيشون فيها، ونسوا أو تناسوا التاريخ والجغرافيا وأن الدول التي هاجروا اليها لم تنسي أو تتناسي تاريخها كما فعلنا، لم ينسوا فتح القسطنطينية عام 1455 م أو محاولة فتح فيينا 1683 م ولم ينسوا الحروب الصليبية وهزائمهم فيها فمن رفض بناء المآذن هو الشعب السويسري وليست الحكومة، ولن نتحجج بالقول أن الدعاية المضادة للمسلمين في الغرب هي التي نجحت في خلق تلك العداوة لأنها متواجدة أصلا منذ القدم، وقد ظهر هذا الموقف جليا أيضا في رفض الإتحاد الأوروبي قبول تركيا كعضو فيه بعدة حجج واهية ولكن السبب الرئيسي يكمن في أنها دولة ملسمة لا أكثر.

إضافة الي العداء، فقد ساهم المسلمين إسهاما جليا في احتقار الغرب للإسلام بمحاولات الكثير من المسلمين لتمييع دينهم والتخلي عن مظاهره وبواطنه، لقد هان علينا ديننا فهنا في اعين الآخرين، استنكرنا الحجاب، فحجب عنا الله رحمته، تنكرنا من تطبيق الشريعة بدعوي التطوير واستبدلناها بالقانون الفرنسي والإنجليزي وغيره، فإستقوي علينا كلاب الأرض، تخلينا عن الجهاد بدعوي السلام فإستهزئوا بنا وماطلونا ومازالوا ولن يتوقفوا حتي نستفيق الي أنفسنا ونعيد ترتيب أوراقنا مرة أخري فليس الحل في الهجرة التي تثبت فشلها عاما بعد عام .

وأخيرا، اتوجه بشكري الي الشعب السويسري وكل فرد في أوروبا يريد خروج المسلمين منها والعودة الي أوطانهم الأصلية لأنهم كانوا جرس الإنذار علي أن أوروبا التي ادعت المدنية والادينية قد أظهرت وجهها الحقيقي أخيرا بتصويت الشعب السويسري ضد بناء المآذن، والآتي أعظم فليستبشر المسلمين الذين تنكروا من دينهم بما سيلاقون من هوان في العالم علي يد من صوت ومن أيد أى عمل ضد المسلمين أيا كانت طبيعته، فقد حان الوقت لجعل مآذننا سيوفا وقبابنا دروعا ومنابرنا حناجر تنطق بما يرضي الله ورسوله لابما يرضاه من يحكمنا فالعلة تكمن في أوطاننا وليس في وطن ودين غيرنا، فلايمكن السكوت على جور حاكم مستبد ولتسقط نظرية المستبد العادل وتذهب الي الجحيم، تلك النظرية التي يتشدق بها أئمة الحكام، علي المسلمين أخذ عبرة من دروس الماضي لكي يستطيعوا اعادة بناء مستقبلهم وتسمية الأشياء بأسمائها وان يودعوا الخنوع الذي اعتاد البعض عليه