قال فى مرارة "لو كنا عملنا المشروع إللى طرحته منذ عام 1999 كنا الآن على الخريطة العالمية"
زويل فى صالون الأوبرا:المدارس الأجنبية فى مصر جزر"منعزلة".. والأسرة المصرية تنفق 30% على التعليم ويقولون إنه مجانى..والكادر ليس حلا لرفع مستوى معيشة المدرسين!
البنية الأساسية للتعليم ضعيفة جدا، والتلقين ما زال أساس المناهج التعليمية ومنظومة التعليم مشتتة، وهناك تزايد فى اتجاه إلى التجارة بالتعليم، والاهتمام بالبحث العلمى أهم من أولويات الدفاع عن مصر، كانت هذه من أهم كلمات د.أحمد زويل العالم المصرى الحاصل على جائزة نوبل وقلادة النيل العظمى التى تعد أعلى وسام مصرى، خلال لقائه فى الصالون الثقافى بدار الأوبرا مساء أمس السبت من خلال محاضرة التعليم بين الحاضر والمستقبل.
وحدد زويل خلال اللقاء الذى حضره نخبة من علماء مصر ووزرائها وطلابها وسياسييها منظومة التعليم فى 3 أسس هى المدرسة والمنهج والمدرس، فبالنسبة للمدرسة أشار زويل إلى أن مصر تنفق 250 دولارا على الطالب فى مرحلة التعليم الأساسى، بينما إسرائيل تنفق 1500 دولار، مؤكدا على أنه بالرغم من الجهود المبذولة من قبل الدولة للارتقاء بالعملية التعليمة إلا أن البنية الأساسية فى العديد من المدارس ما زالت ضئيلة، منتقدا وصول عدد الطلبة فى الفصول إلى أكثر 60 طالبا ما لا يتيح الفرصة للفهم أو التفاعل مع المدرس.
وبالنسبة للمناهج التعليمية فى مصر، فأكد أن الحفظ والتلقين ما زال أساس العديد من هذه المناهج، كما ان المقررات التعليمة لا تتفق مع احتياجات العصر ولا تتلاءم مع التطورات التكنولوجية قائلا "الناس بتذهب للمريخ ويتكلمون عن الذرة".
"الحالة الاجتماعية الضعيفة للمدرس جعلته يلجأ لإعطاء الدروس الخصوصية" كان هذا تشخيص د.زويل بالنسبة للمدرس المصرى الذى يعانى من ضعف المرتبات، مؤكدا أنه حتى مع وجود كادر المعلم الجديد، فإنه لن تتحسن ظروفه المعيشية، ولن يحدث تغيير كبير فى دخله.
وانتقد زويل عدم وجود إحصائيات دقيقة عن نسبة ما يتم إنفاقه على الدروس الخصوصية لكنه أشار إلى أن الأسرة المصرية تنفق ما يتراوح بين 10 إلى 15 مليار جنيه ووصفه بأنه رقم كبير جدا.
وأضاف زويل أنه لا يوجد تقييم قوى محدد للمدرس وهو أمر ليس سهلا حتى فى الولايات المتحدة الأمريكية، لكنه أكد أنه فى الخارج لديهم منظومة بالنسبة للتأخر الدراسى لدى الطلاب وفى هذه الحالة يتدخل أولياء الأمور للمطالبة بتحسن أوضاع المدرس والمدرسة لتحسين المستوى الدراسى لأبنائهم.
وأشار زويل إلى أن تعدد التعليم بين حكومى وخاص وأجنبى وأكاديمى وأزهرى ومعاهد كثيرة أضر بالعملية التعليمية، فكثير من هذه المعاهد غير محددة الرؤية مشيرا إلى خطورة المدارس الأجنبية تتمثل فى أنها أصبحت مثل الجزر الأجنبية المنعزلة داخل مصر، وطالب زويل بضرورة الاهتمام باللغة العربية، مؤكدا على أن هناك ضعفا فى الثقافة.
وفى إشارة منه إلى ما حدث فى مصر فى الفترة الأخيرة من أحداث طائفية قال زويل "ضعف الدور الحيوى للقيم الدينية وتم استبدالها بجمود عقلى وإرهاب فكرى" مؤكدا "إللى أنا تابعته وإللى حدث خلال الفترة الأخيرة يعنى وجود ضعف فى القيم الدينية الحقيقية".
وحمّل زويل الإعلام دورا هاما فى غياب المعرفة العلمية قائلا "إن هناك ضعفا فى الإعلام العلمى فى مصر والعالم العربى" وإنه لا يرى علم فى الجرائد ولا المجلات ولا فى التلفزيون، وأشار زويل إلى تغير المجتمع المصرى وأن الأسرة فى 2010 اختلفت عن الماضى فى نظرتها لعمل المرأة.
وعرض زويل إستراتيجية ورؤية وصفها بالمتواضعة لحل مشكلة التعليم، فبالنسبة لمرحلة التعليم من الابتدائى إلى الثانوى، حدد مجموعة من الأسس مثل محو الأمية من خلال مشروع قومى قائلا "أنا مش قادر استوعب إن ما زال نحو 30% إلى 40% من المصريين أميون".
وطالب أيضا بزيادة ميزانية التعليم لتواكب العصر، والقيام بعمل تغيير شامل فى المدرسة والمنهج والمدرس أيضا مما يساعد على انتهاء الدروس الخصوصية، فالأسرة المصرية تنفق من 20% إلى 30% من دخلها على التعليم واستنكر قائلا "المفروض أن التعليم مجانى".
مطالبا بالعمل على تغيير طريقة التعليم جذريا وتدريب المعلمين على لغة العصر والبحث عن الحقائق والتعود على التحليل النقدى.
وكانت أولى ملامح إستراتيجية زويل لتطوير التعليم الجامعى هى إلغاء القبول فى الجامعات القائم على سياسة الأعداد،قائلا مستحيل ان كلية استيعابها 1000 طالب يلتحق بها 2500، وطالب بزيادة مساحات الكليات وإنشاء مبان جديدة، واستغرب من حصول الطلاب فى الثانوية العامة على 110% قائلا فى مصر نقدنا حقيقية العلم فالأساس يقول إن النسبة المئوية 100% فقط.
ودعا زويل إلى ضرورة الاهتمام وتقدير الأستاذ الجامعى، واستعادة هيبة الجامعة لتكون منبرا لفكر والثقافة والتنافس بين الطلاب ليس على أساس حزبى بل على أساس فكرى.
وأوضح زويل ضرورة أن تعتمد مجانية التعليم على قيمة تفوق وتميز الطالب، هذا ما أكد عليه، مؤكدا على ضرورة أن يدفع الطالب القادر للجامعة المصرية، موضحا أن الطالب المصرى يدفع فى الجامعة الأمريكية 15 ألف دولار سنويا وفى جامعة النيل 10 آلاف دولار واستنكر قائلا يعنى مش هيقدر يدفع الفين دولار للجامعة المصرية.
وبالنسبة للبحث العلمى فى مصر فشخصه زويل فى أن مشاركته محدودة فى بناء الصناعة والاقتصاد، كما أن موقع مصر والدول العربية فى المشاركة العالمية فى البحث العلمى هى مشاركة محدودة وأشار زويل إلى إن الناتج القومى من التكنولوجيا فى العديد من الدول ومنها إسرائيل يتراوح بين 70% إلى 80% نتيجة التطور العلمى والتكنولوجى، وأضاف قائلا نحن للأسف نعتمد فى دخلنا على قناة السويس والبترول والغاز الطبيعى".
وبالنسبة لإستراتيجية زويل للنهوض بالبحث العلمى، فأكد أنه لا يمكن أن تحدث نهضة فى البحث العلمى دون مشروع قومى يلتفّ حوله الجميع، وأضاف أن ذلك لا يعنى عدم وجود بحث علمى فى الجامعات المصرية، مؤكدا على ضرورة وجود نظام التميز الأكاديمى وعودة المدارس العلمية، والعمل على زيادة البعثات العلمية للخارج وإتاحة المناخ المناسب لها عند العودة حتى يمكن الاستفادة بها وحتى لا تهدر الأموال التى تم صرفها على الباحثين فى هذه البعثات.
وللنهوض بالبحوث العليمة أكد زويل على ضرورة إعادة تقييم البحوث وزيادة ميزانية البحث العلمى وأوضح عدم وجود صراع بين الدين والعلم قائلا "أقول لمن يحاول خلق صراع بين الدين والعلم أنه لا يوجد صراع" مؤكدا على ضرورة عدم الانغلاق باسم الدين.
وأكد زويل أنه لكى نشارك ونصنع المستقبل لابد من تحديد الأولويات ومن أساسها التعليم الذى يعد أهم من أولويات الدفاع والأمن، مع أهمية الاهتمام بالعمل قائلا "الناس فى الخارج ليس لديها وقت للنميمة".
وأكد زويل على ضرورة إحكام الدولة سيطرتها على الجامعات الخاصة حتى لا تزعزع التعليم فى مصر، مشيرا إلى أن الجامعات المصرية والعربية مستواها ضعيف، لكن تحاول خلال العشر سنوات الماضية النهوض بنفسها، موضحا أنه يمكن النهوض بالجامعات المصرية خلال عشر سنوات يتم خلالها وضع رؤية وتوفير إرادة قومية بأهمية التطوير.
وأضاف زويل فى مرارة "لو كنا عملنا المشروع إللى طرحته منذ عام 1999 كنا الآن على الخريطة العالمية".
وعرض زويل لورقة علمية يتم إجراؤها فى مركز البحوث الفرنسى تدل على أن المصريين القدماء استخدموا طرقا علمية فى تصنيع أدوات التجميل من مادة الرصاص وهو اكتشاف علمى هام لأن الرصاص يسبب فى بعض الحالات الوفاة، والأغرب أن هذه الأدوات التجميلية ومنها الكحول الذى استخدمته الملكة نفرتيتى كانت تزيد من المناعة أيضا.
وفى نهاية كلمته تمنى زويل أن تصنع مصر المستقبل، قائلا أنا متفائل لأن مصر لديها استعداد للتطوير ودعا الشباب بالتخلص من الإحباط الذى يصيبهم حتى لا ينقلونه لغيرهم، مؤكدا أنه عندما سافر إلى الولايات المتحدة الامريكية وجد صعاب كثيرة قائلا "الحياة ليست سهلة".