مخالفات في صلاة العيد

مخالفات فى صلاة العيد

1. إحياء ليلتي العيد:

بعض الناس بل كثير منهم يعتقد أن إحياء ليلتى العيد بالقيام مستحبة, بل ويأمرون الناس بها... وهذا الأمر لم يثبت عن النبى rأبداً.

قال الشقيرى: والأحاديث فى فضل الصلاة ليلة الفطر والنحر ويوميهما ويوم عرفة مكذوبة ومفتراة فلا تلتفتوا إليها [1] .

ومن بين تلك الأحاديث التي يحتجون بها قوله r: " من أحيا الليالي الأربع وجبت له الجنة : ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر " [2] ، وهذا حديث موضوع لم يثبت عن النبيr .

وقوله r : " من أحيا ليلة الفطر وليلة الأضحى لم يمت قلبه يوم تموت القلوب " [3] ، وهذا أيضاً حديث موضوع .

2. أخطاء في صيغة التكبير:

ولقد شاع وانتشر بين المُصلين صيغة التكبير التي ليس لها أصل من السُنة في يوم العيد كقولهم: (اﻟﻟﻪ أكبر كبيراً والحمد ﻟﻟﻪ كثيراً وسبحان اﻟﻟﻪ بكرة وأصيلاً... نصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده...) إلى آخره.

فهذا التكبير مخالف لهدى النبي r فإنما الثابت عن النبي r من صيغ التكبير قوله r : " اﻟﻟﻪ أكبر اﻟﻟﻪ اكبر لا إله إلا اﻟﻟﻪ واﻟﻟﻪ أكبر اﻟﻟﻪ أكبر وﻟﻟﻪ الحمد" [4] .

3. قولهم: إن صلاة العيد سُنة !!!

يظن كثيراً من الناس أن صلاة العيد سُنة وأن من تركها لا يأثم... وهذا خطأ كبير, لأن النبي r أمر بها, بل وأمر النساء أن يخرجن ليشهدن الخير.

قال الألباني معلقاً على قول من قال بسنيتها :

قوله: (وهى سنة مؤكدة, واظب النبى r عليها, وأمر الرجال والنساء أن يخرجوا لها).

قلت: فالأمر المذكور يدل على الوجوب, وإذا وجب الخروج وجبت الصلاة من أولى كما لا يخفى, فالحق وجوبها لا سنيتها فحسب, ومن الأدلة على ذلك مسقِطة للجمعة إذا اتفقتا فى يوم واحد [5] .

قال الإمام الشوكانى: (واعلم أن النبى r لازم هذه الصلاة فى العيدين ولم يتركها فى عيد من الأعياد, وأمر الناس بالخروج إليها حتى أمر بخروج النساء.. وهذا كله يدل على أن هذه الصلاة واجبة وجوباً مؤكداً على الأعيان لا على الكفاية) [6]

4. - عدم الجهر بالتكبير قبل الصلاة:

إن من الواجب على المسلم أن يحرص على سُنة الحبيب r وأن يجهر بها, حيث ورد الجهر بها.

لكننا نرى كثيراً منهم يخرج من بيته إلى المصلى وهو صامت لا يكبر... وهذا بالطبع مخالف لهدى النبى r.

والتكبير هنا ليس المقصود به التكبير الجماعى ـ وهو أن يكبر الناس سوياً فى صوت واحد ـ بل إن المقصود هنا هو التكبير الفردى فكل واحدٍ يكبر وحده.. لأن التكبير الجماعى لم يكن على عهد رسول اﻟﻟﻪ r.

5- الأذان والإقامة لصلاة العيد:

فى بعض الأماكن النائية عن العلم والعلماء ـ تتفشى فيه البدع والمخالفات ـ ومن بينها أنهم يجعلون لصلاة العيد أذاناً وإقامة.. وهذا مخالف لهدى النبى r.

عنة جابر بن سمرة t قال: صليت مع النبى r العيد غير مرةٍ ولا مرتين بغير أذانٍ ولا إقامةٍ [7] .

وعن إبن عباس وجابر ـ رضى اﻟﻟﻪ عنهم ـ قالا: لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى. متفق عليه.

ولمسلم عن عطاءٍ قال: (أخبرنى جابرٌ أن لا أذان لصلاة يوم الفطر حين يخرجُ الإمام, ولا بعدَ ما يخرجُ, ولا إقامة, ولا نداء, لا نداء يومئذٍ ولا إقامة) [8] .

قال الإمام الشوكانى: وأحاديث الباب تدل على عدم شرعية الأذان والإقامة فى صلاة العيدين,... قال العراقى: وعليه عمل العلماء كافة. وقال ابن قدامة فى المغنى: ولا نعلم فى هذا خلافاً ممن يعتد بخلافه [9] .

6- الصلاة قبل (صلاة العيد) وبعدها:

كثير من المصلين إذا وصل إلى مصلى العيد فإنه يصلى ركعتين سُنة, ثم إذا صلى صلاة العيد يقوم ليصلى ركعتين أيضاً, وهذا مخالف لهدى النبى r فإنه لم عنه أنه صلى قبل العيد أو بعده أبداً.

عن إبن عباس ـ رضى اﻟﻟﻪ عنهما ـ قال: خرج النبى r يوم عيدٍ فصلى ركعتين لم يُصل قبلهما ولا بعدهما... رواه الجماعة, وزادوا إلا الترمذى وابن ماجة: ثم أتى النساء وبلال معهن فأمرهن بالصدقة, فجعلتِ المرأةُ تصدق بخرصها وسخابها) [10] . والخرص: حُلى تُلبس فى الأذن.. والسخاب: خيط من خرز يوضع فى العنق كالقلادة.

(وعن ابن عمرـ رضى اﻟﻟﻪ عنهما ـ: أنه خرج يوم عيدٍ فلم يصلِ قبلها ولا بعدها, وذكر أن النبى r فعله [11] . وللبخارى عن ابن عباس: أنه كره الصلاة قبل العيد).

قال الإمام الشوكانى: وفى بقية الأحاديث الباب دليل على كراهة الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها, وإلى ذلك ذهب أحمد ابن حنبل, قال ابن قدامة: وهو مذهب ابن عباس وابن عمر.

وقال الزهرى: لم أسمع أحداً من علمائنا يذكر أن أحداً من سلف هذه الأمة كان يصلى قبل تلك الصلاة ولا بعدها.

قال الحافظ فى الفتح: والحاصل أن صلاة العيد لم تثبت لها سنه لا قبلها ولا بعدها خلافاً لمن قاسها على الجمعة. وأما مطلق النفل فلم يثبت فيه منع بدليل خاص إلا إن كان ذلك فى وقت الكراهة فى جميع الأيام .... انتهى [12] .

7- قولهم: الصلاة جامعة:

وهذا من المخالفات المنتشرة فى صلاة العيد أنه إذا حان وقت الصلاة صاح الإمام بقوله: (الصلاة جامعة).

وإليكم ما ورد فى ذلك والرد عليه.

قال الزهرى: وكان النبى r يأمر فى العيدين المؤذن فيقول: الصلاة جامعة.

قال النووى: وهو مرسل ضعيف, يعنى فلا يحتج به. ومنهم من قاس العيد على الكسوف, فقد ثبت قول (الصلاة جامعة) فيها كما يأتى:

(ورد) بأنه لا قياس مع النص (فقد) صلى النبى r العيد مراراً فى مجمع من الصحابة, ولم ينقل بأنه أمر بأذان ولا نداء آخر للعيد, بل قال عطاء: أخبرنى جابر أنه لا أذان للصلاة يوم الفطر حين يخرج الإمام ولا بعد ما يخرج ولا إقامة ولا نداء ولا شيء. أخرجه مسلم [13] .

(وهو) بعمومه يشمل نفى قولهم: الصلاة جامعة, ونحوه (قال) أبو محمد عبد اﻟﻟﻪ بن قدامة: وقال بعض أصحابنا: ينادى لها, يعنى للعيد: الصلاة جامعة, وهو قول الشافعى, وسنة رسول اﻟﻟﻪ r أحق أن تتبع [14] .

وقال الإمام ابن القيم: وكان r إذا إنتهى إلى المصلى, أخذ فى الصلاة من غير أذان ولا إقامة ولا قول: الصلاة جامعة. والسنة: أنه لا يفعل شىء من ذلك [15] .

8- جهر المأمومين بالتكبير:

وهذا من الأخطاء التى تكلمنا عنها فى الصلاة عامة بكل أنواعها.. فإن هذا الفعل مخالف لهدى النبى r.

قال النووى: (وأما غير الإمام فالسنة الإسرار بالتكبير سواء المأموم والمنفرد وأدنى الإسرار أن يسمع نفسه إذا كان صحيح السمع ولا عارض عنده من لغط وغيره, وهذا عام فى القراءة والتكبير, التسبيح فى الركوع وغيره, والتشهد, والسلام, والدعاء سواء واجبها ونفلها) [16] .

9- رفع اليدين عند التكبير:

يخطىء كثير من الأئمة, بل والمصلين عندما يرفعون أيديهم مع كل تكبيرة من تكبيرات صلاة العيد... لأن ذلك لم يكن من هدى النبى r.

قال الشيخ الألبانى فى رده على من قال يرفع اليدين: قوله فى التكبير فى صلاة العيدين: ( يُسن... رفع اليدين مع كل تكبيرة) .

قلت: الصواب أن يقال: لا يسن ذلك, لأنه لم يثبت ذلك عنه r, وكونه روى عن عمر وابنه لا يجعله سنة, ولا سيما أن رواية عمر وابنه ههنا لا تصح: أما عن عمر فرواه البيهقى بسند ضعيف. وأما ابنه فلم أقف عليها الآن, وقد قال مالك: (لم أسمع فيه شيئاً). انظر " الإرواء " (640) [17] .

10- القول بوجوب الذكر بين التكبيرات:

يعتقد كثير من المصلين إلى أن النطق ببعض الأذكار بين تكبيرات الصلاة واجب... مع أن هذا القول مخالف لهدى النبى r, لأنه لم يثبت عنه ذلك أبداً.

قال الشيخ محمود خطاب السبكى: يستحب الفصل بين كل تكبيرتين من تكبير العيد بقدر ما يكبر المأموم دفعاً للاشتباه. وليس بينهما ذكر مشروع عند الحنفيين ومالك والأوزاعى, لأنه لو كان مشروعاً لنُقل إالينا كما نقل التكبير.

(وقال) الشافعى وأحمد: يستحب الذكر بينها بأن يقول: سبحان اﻟﻟﻪ والحمد ﻟﻟﻪ ولا إله إلا اﻟﻟﻪ واﻟﻟﻪ أكبر, أو يقول: لا إله إلا اﻟﻟﻪ وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير, ويصلى على النبى r بين كل تكبيرتين, وإن أحب قال: اﻟﻟﻪ أكبر كبيراً, وسبحان اﻟﻟﻪ بكرة وأصيلاً. واستدلوا بأثر مضطرب عن ابن مسعود, ولذا لم يقل بمقتضاه الجمهور [18] .

وقال الإمام ابن القيم: (ولم يحفظ عنه ذكر معين بين التكبيرات) [19] .

أما ما روى عن ابن مسعود t: (من أنهُ كانَ يحمدُ اﻟﻟﻪ, ويثنى عليه, ويُصلى على النبى r) [20] , فهذا يدل على إباحته ذلك دون وجوبه, ولزومه.

11- افتتاح الخطبة بالتكبير:

كثير من الخطباء والدعاة يبدأون خطبة العيد بالتكبير مع أن هذا الفعل مخالف لهدى النبى r.

ولقد استدل هؤلاء بقول رجلٍ تابعى ألا وهو (عبيد اﻟﻟﻪ بن عبد اﻟﻟﻪ بن عتبة), حيث قال: (السُنة أن تفتتح الخطبة بتسع تكبيرات تترى, والثانية بسبع تكبيرات تترى).

فرد الإمام ابن القيم على هذا فقال: وأما قول كثير من الفقهاء: إنه تفتتح خطبة الاستسقاء بالاستغفار وخطة العيدين بالتكبير فليس معهم فيها سنة عن النبى r البتة, والسنة تقتضى خلافه وهو افتتاح جميع الخطب بالحمد. وعبيد اﻟﻟﻪ بن عبد اﻟﻟﻪ تابعى كما عرفت فلا يكون قوله: (من السُنة) دليلاً على أنها سنة النبى r كما تقرر فى الأصول [21] .

12- جعل خطبة العيد (خطبتين):

وهذا خطأ شديد, لأنه لم يثبت عن النبى r أنه كان يجلس فى أثناء خطبة العيد (كيوم الجمعة).

(قال) النووى فى الخلاصة (وما روى) عن ابن مسعود أنه قال: السنة أن يخطب فى العيد بخطبتين يفصل بينهما بجلوس (ضعيف) غير متصل ولم يثبت فى تكرير الخطبة شىء [22] .

قال جابر: " شهدت مع رسول اﻟﻟﻪ r الصلاة يوم العيد, فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة, ثم قام متوكئاً على بلال, فأمر بتقوى اﻟﻟﻪ وحث على طاعته, ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن " [23] .

وهذا دليل واضح على أنه لم يثبت عن النبى r أنه خطب فى العيد إلا خطبة واحدة ولم يجلس أثناءها.

* * *

--------------------------------------------------------------------------------

[1] السنن والمبتدعات ( ص : 117 ) .

[2] رواه ابن عساكر عن معاذ – ضعيف الجامع ( 5358 ) : موضوع .

[3] رواه الطبراني في الكبير عن عبادة – ضعيف الجامع ( 5361 ) : موضوع .

[4] أخرجه بن أبي شيبة ( 2/2 ) والبيهقي ( 3 / 315 ) بإسناد صحيح .

[5] تمام المنة ( 344 ) .

[6] السيل الجرار ( 1 / 315 ) .

[7] أخرجه مسلم ( 2/7 ) والترمذي ( 2 / 532 ) وأحمد ( 5 / 91 ) .

[8] أخرجه البخاري ( 2 / 960 ) ومسلم ( 2 / 5) وأحمد ( 5 / 107 ) .

[9] نيل الأوطار ( 3 / 351 ) .

[10] أخرجه البخاري ( 2 / 989 ) ومسلم ( 2 / 13 ) .

[11] رواه الترمذي ( 2 / 538 ) وأحمد ( 2 / 57 ) .

[12] نيل الأوطار ( 3 / 358 – 359 ) .

[13] مسلم بشرح النووي ( 6 / 176 )

[14] المغنى ( 2 / 236 ) .

[15] زاد المعاد ( 1 / 442 ) .

[16] المجموع ( 3 / 295 ) .

[17] تمام المنة ( ص : 348 – 349 ) .

[18] الدين الخالص ( 4 / 337 ) .

[19] زاد المعاد ( 1 / 443 ) .

[20] رواه البيهقي والطبراني بسندٍ صحيح – إرواء الغليل ( 3 / 114 ) .

[21] نيل الأوطار ( 3 / 363 ) .

[22] فتح القدير ( 1 / 428 ) .

[23] أخرجه البخاري ( 2 / 377 ) ومسلم ( 885 ) .

» العيد فرحة
» قصيدة تهزهك ولو قلبك حجر عن صلاة الفجر