فى مصر القديمة، كان تولى امرأة مقاليد أمور الحكم وضع لا تقره التقاليد ولم يألفه المصريين القدماء .. ومع ذلك فإن التاريخ قدم لنا ملكات على مدى عصور متعاقبة .. فقد كان عندما يتولى ملك ضعيف حكم البلد ، يقوم صراع بين قواده العسكريين أو بين افراد من أمراء الاسرة المالكه.. تحسمه أميرة ذات عزية وبأس .. أما عن طريق شخصيتها أو عن طريق زواجها واتحادها مع زوج يهيىء لها الطريق للامساك بزمام الأمور فتتوج ملكة على البلاد أو تتوج زوجها ملكا تحكم من خلاله..
والقارىء لدفاتر التاريخ المصرى منذ بدايته تطالعه ملكة هى " مريت نيت " من الأسرة الأولى التى حكمت فى عام 3050 ق.م. وقد عثر على لوحة فى مقابر العرابة المدفونة منقوش عليها اسمها بلقلب الملكة .. وإن كان البعض يرون انها كانت زوجة الملك " دن" من الأسرة الأولى ومنهم الاثرى احمد فخرى ودريوتون إلا أن آخرين ومنهم آرثر ويجال وولتر أمرى يرون انها كانت ملكة جلست على عرش مصر وحكمت البلاد أيام الاسرة الأولى.
أما الملكة التى ذكرها التاريخ والتى وصلت الى العرش فى اعقاب سلطان ملك ضعيف فقد كانت " خنت كاوس " .. التى يرى بعض المؤرخين انها شقيقه الملك " شبسكاف" الذى حاول الثورة على كهنة رع فعجلت ثورته بنهايته وتولت الحكم بعده ويستدل على حكمها للبلاد من الألقاب التى كانت تحملها والتى تركتها على آثارها ومنها " خنت كاوس ملكة مصر العليا والسفلى أم ملك مصر العليا والسفلى كان ذلك فى العام 2560 ق.م. هذه الملكة كانت من الاسرة الرابعة التى كان منها الملوك العظام خوفو وخفرع ومنقرع بناة اهرام الجيزة ... رجح بعض المؤرخين أن هذه الملكة هى ابنه الملك منقرع وإن كانت لم تذكر ذلك على آثارها .. كما رأى بعض المؤرخين انها تزوجت الملك " شبسكاف " آخر ملوك الاسرة الرابعة ولكن الكثير من المؤرخين يرجحون أنها تزوجت أوسركاف أول ملوك الاسرة الخامسة وولدت له ساحورع ونفركارع ولذلك حملت لقب ام ملك مصر العليا والسفلى.
يروى الاثرى احمد فخرى ان هذه الملكة كانت اصل الاساطير التى كان يرويها المصريون فى أواخر ايام حضارتهم فقد ذكر هيرودوت حسبما سمعه من كهنه مصر الذين زودوه بأخبار الملوك بأن الهرم الثالث بنته امرأة اسمها " راودبيس" ولكن هيرودوت ايضا عاد وقرر انه كان متأكدا من ان بانى الهرم الثالث كان الملك منقرع وأن رادوبيس لم تكن إلا غانيه غير مصريه ممن اشتهرن بجمالهن فى القرن السادس قبل الميلاد ( أيام هيرودوت أو قبله بقليل) وإن هذه المرأة كان لها مقامرات غراميه حكاها الكثير من اليونانيين .. ولعل اقتران اسم رادوبيس باسم خنت كاوس أن كلمة رادوبيس تعنى " وردية الخدين" وأن خنت كاوس كانت كنساء اسرتها بيضاء البشرة جميلة المحيا فشبهت بهذه الغانية رادوبيس ولعلنا نلحظ جمال الوجه وبياض البشرة فى تمثال الاميرة نفرت من الاسرة الرابعة وهو أحد روائع المتحف المصرى بالقاهرة.
يرى بعض المؤرخين أن خنت كاوس حكمت مصر من خلال ابنها الملك الصغير الذى كانت وصية عليه.
مثلما انتهى حكم الاسرة الرابعة بأمرأة هى " خنت كاوس" كذلك انتهى حكم الاسرة السادسة بامراء هى الملكة " نيتوكريس" أو " نيت إفرت" وكان ذلك فى العام 2278 ق.م .. وقصة هذه الملكة انها كانت من أميرات الاسرة السادسة التى حكمها من الملوك " بيبى الأول " الذى اغتاله حراسه والملك " بيبى الثانى" الذى تولى حكم البلاد طفلا صغيرا فى السادسة من عمره ويروى أن هذا الملك حكم البلاد 94 عاما مما يقطع بأنه فى أخريات أيام حكمه كان طاعنا فى السن لا يقدر على الامساك بزمام الأمور على الوجه الأكمل فعمت البلاد فوضى واستشرى الفساد وجاء بعد هذا الملك ابناء من الملوك الضعاف لم يدم حكم أيهم اكثر من عام وفى النهاية آل الحكم إلى نيتوكريس التى يذكر المؤرخون انها كانت الابنه الكبرى للملك بيبى الأول ويرى آخرون انها كانت أخت آخر ملوك هذه الاسرة الذى مات مقتولا .. يذكر هيرودوت ان رجال الدولة الذين اغتالوا شقيق هذه الملكة أجلسوها على عرش مصر على غير رغبتها فقد كان قد ساءها اغتيال اخيها ولكنها قبلت الحكم على أمل أن تنتقم ممن ارتكبوا هذه الجريمة فى حق شقيقها .. ولذلك .. فقد أنشأت قصرا عظيما باسفله بعض الحجرات المتصله بسراديب مغلقه تنتهى بنهر النيل ثم دعت رجال بلاطها الذين كانوا قد دبروا مؤامرة اغتيال شقيقها ... دعتهم إلى مأدبة بالقصر احتفالا بالانتهاء من بنائه ... ولما اكتمل شمل هؤلاء أغلقت ابواب القصر وفتحت مياه النيل على حجراته فاغرقت المتآمرين جميعهم بحيث لم ينج أحد...
وصف هيرودوت هذه الملكة بأنها انبل واعظم حكام عصرها ... كما وصفها المؤرخ المصرى ماينتون بانها كانت أجمل امرأة فى زمانها.
برغم ما انجز ملوك الدولة الوسطى وما قدموا للبلد من مشاريع فى الزراعة والرى والبناء .. ولعل ما يشهد بعظمتهم قصر اللابرنت الذى قال عنه هيرودوت انه يتكون من طابقين يشتملان على ثلاثة آلاف غرفه وانه يفوق كل مبانى اليونان مجتمعه..
برغم كل هذه الانجازات فإن آخر من حكموا من ملوك فى هذه الدوله كانوا من الضعف بحيث ان آخرهم أمنمحات الرابع حكمت بعده الملكة " سوبك نفرو " لمدة ثلاثة اعوام واربعة اشهر وعشرين يوما ... يرى المؤرخون ان هذه الملكة كانت ابنة الملك العظيم امنمحات الثالث وقد وجد لهذه الملكة هرم صغير كما ورد اسمها مدونا على لوحه سقارة للملوك باسم العرش " سوبك كارع".
دخلت البلاد بعد ذلك فى عصر مظلم أعقبه غزو الهكسوس الذى استمر اكثر من قرن ونصف حتى استردت مصر هيبتها وطردت الغزاه وحكم البلاد ابناء مصر وبدأت الدوله الحديثه بالملك أحمس وأعقبه ملوك عظام .. حتى عهد تحتمس الثانى الملك الضعيف زوج حتشبسوت ابنه تحتمس الأول والتى حكمت مصر على مدى عشرين عاما .. برغم انها كانت ملكة إلا انها حملت اسم ملك مصر وتزيت بزى الرجال ووضعت اللحية التقليدية وقهرت رجال عصرها بحيث أن تحتمس الثالث ابن زوجها من زوجة ثانوية وزوج ابنتها كان يلزم الظل ولا يملك أمام هذه الملكة القوية إلا الصمت والطاعة .. ارسلت حتشبسوت حملات بحرية إلى بلاد بونت وأقامت المسلات العاليه وبنت معبدها المدرج فى حضن جبل القرنه والذى سمى بالدير البحرى لأن طائفة من رهبان المسيحيه الأولى سكنوه وأقاموا فيه شعائرهم...
كانت حتشبسوت بحق ملكه على مصر
فى اواخر الاسرة التاسعه عشر حكم مصر الملك منفتاح الذى يذكره البعض بأنه فرعون الخروج .. فى نهاية حكم هذا الملك وبعده بدأ عهد من الفوضى يعم البلاد .. وكان كل واحد من الأمراء يحاول الوصول إلى عرش مصر ولكن خلال هذه الفترة برز اسم ملكة هى " تاوسرت" .. لم يصل جمهور المؤرخين الى تحديد كيفية جلوسها على عرش البلاد وهل اغتصبته من ملك ضعيف .. أم أنها كانت سليلة أحد الملوك فنصبت ملكة شرعية على البلاد .. غاية الأمر أنها كانت ختام هذه الاسرة وانها حكمت مصر مدة بلغت ثمانية أعوام فى القرن الثانى عشر قبل الميلاد واستدل المؤرخون على مدة حكمها بقطعة من الأوستراكا مكتوب عليها نص يبدأ بجملة تقول السنه الثامنه من حكم تاوسرت
لم يذكر التاريخ ملكات أخريات خلال العصر الفرعونى ... وإن كان التاريخ قد ذكر اسماء ملكات تربعن على عروش قلوب ملوكهن نذكر منهن نفرتيتى زوجة اخناتون وتى زوجة امنحتب الثالث ونفرتارى زوجة رمسيس الثانى